بعد أن أعلنت بعض الدول العربية الزام المسافرين اليها اجراء فحوصات الفيروسات الكبدية قبل الحصول على تاشيرات العمل، ظهر وبقوة لا يستهان بها عدوى الكثير من الشباب بفيروس الكبد الوبائي “بي”، فهناك الكثير ممن يحملون الفيروس بيننا ولا يشعرون، ذلك أن العدوى به لا تأتي بأعراض مميزة، طالما ان المريض لم يصل به الحال الى التليف أو الفشل الكبدي، وما لا يعرفه عامة الناس، أن انتقال فيروس “بي” أسهل بكثير من فيروس “سي”، وظهور التليف وأورام الكبد أسرع مع فيروس “بي”، والمفاجئة أن رغم وجود علاج يقضي على فيروس “سي” نهائياً، لا يوجد علاج يشفي من فيروس “بي”، والعلاجات الموجودة حالياً تقل من نشاطه فقط، وهذا يجعل المتابعة الدورية لحامل فيروس “بي” شيء في قمة الأهمية.
ينتقل فيروس “بي” عن طريق اخطلات الدم ليس فقط بدم يحمل الميكروب، وانما حتى باخطلات الدم بأي سائل من شخص مريض، وأشهر الطرق هي استعمال أدوات طبية غير معقمة جيداً كالسرنجات ومعدات الأسنان، كما تنتشر عن طريق العلاقة الزوجية اذا كان أحدهم مصاب أو حامل للمكروب، كما ينتشر بالتقبيل عند الرجال، وذلك عن طريق وجود جروح صغيرة غير مرئية بعد حلاقة الذقن، ويظهر أيضاً عند هؤلاء الذين يجرون غسيل الكلى بصورة دورية، والأطفال من أم تحمل الميكروب، وينتشر بكثرة عند مدمني المخدرات وذوي العلاقات المختلفة. ولا ينتقل فيروس “بي” عن طريق الكحة أو العطس أو السلام باليد أو المعانقة أو الطعام والشراب.
وتأخذ العدوى بفيروس “بي” شكل مرض حاد، تظهر أعراضه في خلال شهر الى اربعة أشهر من العدوى، وهذه الأعراض هي فقدان الشهية والارهاق والغثيان والصفراء وآلام تحت الجزء الأيمن من القفص الصدري (مكان الكبد)، ناتجة عن التهاب الكبد، وفي هذه النقطة 90% – 95% من المرضى يتمكنون من التخلص من الفيروس تماماً، بل ويكسبون مناعة أبدية منه، ونسبة قليلة جداً تتحول الى التهاب كبدي نشط، وتتدهور صحتهم بصورة سريعة ومفاجئة، أما الباقي فيدخل في مراحل المرض المزمن، ثلثيهم يصبحون حاملين للفيروس فقط، والثلث الباقي يتطور الى التهاب كبدي وبائي مزمن، أكثرهم من الأطفال، ويكونوا عرضة لتليف وأورام الكبد.
ولذا، مراجعة الطبيب والمتابعة الدورية شيء في قمة الأهمية فور الكشف عن وجود عدوى فيروس “بي”، وانظمة المتابعة تحدد على أساس الشكل الذي أخذه المرض ومرحلته، ويكون ذلك عن طريق التحاليل المناعية والانزيمات والفحص بالموجات فوق الصوتية، وعينة الكبد، والتي يتم الآن دراسة الاستعواض عن العينة الكبدية بتحديد صلابة الكبد عن طريق جهاز شبيه بجهاز الموجات فوق الصوتية، وأقرته بالفعل بعض البلاد الاوربية، وهو متواجد في مصر في مراكز متعدده، ومن ثم أخذ العلاج المناسب وفي الوقت المناسب.
وكلمة أخيرة، لا يوجد عقار يغير نتيجة تحليل الأجسام المضادة لفيروس “بي” أو يخفيها، واجتهادات البعض في وصف عقار الكورتيزون بجرعات كبيرة أملاً في انقاص المناعة بشكل عام ليس له أي اساس علمي، بل قد يؤدي الى المضاعفات وخيمة وخطرة جداً، نحن بكل تأكيد في غنى عنها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق